أعلن الاتحاد الأوروبي تخصيص حزمة مساعدات بقيمة 10 ملايين يورو لمواجهة أزمة المياه في العراق، وسط تحذيرات دولية من تحول البلاد إلى واحدة من أكثر دول العالم تأثراً بشح المياه بحلول عام 2040.
وجاء الإعلان على لسان سفير الاتحاد الأوروبي في بغداد توماس سايلر، خلال مشاركته في المؤتمر الدولي الخامس للمياه المنعقد في العاصمة بغداد، حيث كشف عن "خطة الاتحاد الأوروبي لتقديم مساهمة مالية قدرها 10 ملايين يورو لدعم قطاع المياه في العراق".
وأوضح السفير الأوروبي أن "أي تعاون مع دول الجوار للعراق يجب أن يستند إلى بيانات يمكن التحقق منها بشكل موضوعي، واحتياجات مائية محددة بوضوح، وإحصاءات علمية دقيقة. فقط على أساس حقائق ملموسة يمكن أن تُعقد مفاوضات سياسية ذات مغزى".
وفي تحذير مبطن من الضغوط الإقليمية، شدد سايلر على أن "مثل هذه المفاوضات يجب ألا تكون رهينة لأجندات جيوسياسية أوسع، ويجب ألا تتأثر بالتهديدات أو الأساليب القسرية"، في إشارة واضحة للخلافات المائية بين العراق وجيرانه.
وتشير بيانات اليونيسف إلى أن موسم الأمطار 2020-2021 كان ثاني أكثر المواسم جفافا خلال الأربعين عاما الماضية، مما أدى إلى انخفاض تدفق المياه في نهري دجلة والفرات بنسبة 29% و73% على التوالي. كما حذرت المنظمة من أن ما يقرب من 3 من كل 5 أطفال في العراق لا يحصلون على خدمات المياه المدارة بشكل آمن.
وتكشف المعطيات الدولية حجم التحدي المائي الذي يواجهه العراق، حيث يحتل المرتبة الخامسة عالميا من حيث التأثر بالتغير المناخي، ويخسر ما يقدر بـ 8-12 مليار متر مكعب من المياه السطحية سنويا بسبب التبخر.
تحليل:
الأزمة المائية في العراق لها أبعاد إقليمية معقدة، حيث خفضت مشاريع السدود والطاقة الكهرومائية التركية تدفق المياه إلى العراق بنسبة 80% منذ عام 1975، وفقا لتقديرات حكومية. ومنذ تشغيل سد إليسو التركي في مايو 2020، أصبح العراق يعتمد على طلبات شهرية من أنقرة للحصول على الحد الأدنى من التدفق.
من جانبها، قامت إيران بتقليل تدفق أنهارها العابرة للحدود بشدة، مثل نهر ديالى وزاب الكبير والصغير، من خلال بناء السدود، مما فاقم الأزمة المائية في العراق الذي يواجه تحديات متعددة.
تجدر الإشارة إلى أن 60% من المزارعين العراقيين في عدد من المحافظات اضطروا لزراعة أراضي أقل أو استخدام مياه أقل خلال موسم الزراعة 2023، بينما أدى تدهور الوضع المائي إلى انخفاض كبير في الإنتاجية الزراعية وتربية الماشية وأنشطة الصيد.
وتعتبر البصرة من أكثر المناطق تضررا، حيث تم إدخال ما لا يقل عن 118 ألف شخص إلى المستشفيات في صيف 2018 بسبب أعراض تتعلق بنوعية المياه، مما يسلط الضوء على العواقب الإنسانية المباشرة لأزمة المياه.
يأتي التمويل الأوروبي الجديد ليكمل جهود التعاون المائي مع العراق، حيث ستعمل الأموال المخصصة على "تعزيز الإدارة المستدامة لموارد المياه وضمان استمرار توفير مياه الشرب الآمنة، لا سيما لسكان البصرة والنازحين داخلياً في جميع أنحاء البلاد"، وفقا لتصريحات السفير الأوروبي.
وأشار سايلر إلى أن الاتحاد الأوروبي سيعمل "بشكل وثيق مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا لتعزيز نظام حوكمة مائي قائم على القوانين، يتماشى مع مبادئ اتفاقية الأمم المتحدة للمياه".
المحرر: حسين صباح