بتاريخ يوم السبت (26 نيسان/ أبريل 1986)، وقعت كارثة في محطة تشيرنوبل للطاقة النووية، قرب مدينة بريبيات في شمال أوكرانيا التي كانت تتبع آنذاك الاتحاد السوفيتي، وراح ضحيتها من المتوفين خلال الحادثة وما بعدها بسبب التلوث الإشعاعي نحو (8 ملايين و400 ألف) شخص بسبب تقارير الأمم المتحدة.
بداية الكارثة
انفجر المفاعل النووي رقم (4) من المحطة، وحصلت كارثة نووية إشعاعية خطيرة، واُعتبرت أكبر كارثة نووية شهدها العالم، وحدثت عندما كان ما يقرب من "200" موظف يعملون في مفاعل الطاقة النووي (1,2,3) بينما كان يتم إجراء عملية محاكاة وتجربة في الوحدة الرابعة التي وقع فيها الانفجار.
وساهم عامل بُنية المفاعل في الانفجار حيث أن التحكم في العملية النووية كان يتم بأعمدة من الجرافيت.
وفي حين أن رئيس الفريق انتبه إلى الخطر وحاول إغلاق المفاعل مما يجعل أعمدة الجرافيت تنزل في قلب المفاعل وتبطئ من سرعة التفاعل النووي وتخفض الحرارة، إلا أن هذه الطريقة جعلت الحرارة تزداد لوهلة قبل أن تشرع في الانخفاض.
وبحسب المختصين ووفقاً لمعلومات اطلع عليها كلمة الإخباري، فإن المولّد كان غير مستقر والدورة الحرارية مشوشة من آثار الاختبار، كان هذا هو العامل الذي أدى إلى اعوجاج أعمدة الجرافيت وعدم إمكانية إسقاطها في قلب المفاعل وجعل الحرارة ترتفع بشكل كبير وتشعل بعض الغازات المتسربة وتتسبب في الانفجار.
نتائج كارثية مستمرة
نتج الخلل عن تراكم أخطاء بشرية وقلة خبرة مهندسين شبان قاموا بالمناوبة تلك الليلة، مما أدّى ذلك إلى حدوث اضطراب في إمدادات الطاقة في جمهورية أوكرانيا السوفيتية، كما أدى إلى إغلاق المصانع وتعطل المزارع وبلغت الخسائر المادية ما قيمته أكثر من (3 مليارات) دولار أمريكي.
وبسبب هذا الانفجار، لقي نحو (36 شخصاً) مصرعهم، وأصيب أكثر من (2000 شخص) آخرين، وتم اغلاق المفاعل نهائياً عام 2002.
وأعلنت السلطات الأوكرانية عقب الانفجار منطقة تشرنوبل "منطقة منكوبة" والتي تشمل مدينة بربيات التي أنشأت عام 1970 لإقامة العاملين في المفاعل وتم إجلاء أكثر من 100 ألف شخص من المناطق المحيطة بالمفاعل.
ومن ضمن العاملين في تشرنوبل، فإنّ (28 عاملاً) آخرين لقوا حتفهم في الأشهر الأربعة التي تلت الحادثة، وذلك وفقاً للجنة التنظيمية النووية في الولايات المتحدة الأميركية (NRC).
ومما فاقم من هذه الكارثة، إن الرياح كانت في وقت الحادثة تتجه من الجنوب والشرق، مما أدى إلى انتشار الإشعاع في الشمال الغربي باتجاه بلاروسيا.
وفي غضون ثلاثة أشهر من حادثة تشرنوبل فإنّ ما يقارب من (31 شخصاً) ماتوا بسبب التعرض للإشعاع أو نتيجة الآثار المباشرة الأخرى للكارثة.
كما تم في أوكرانيا، وبلاروسيا، وروسيا تقدير ارتباط ما يقارب (6 آلاف) حالة من سرطان الغدة الدرقية بالتعرض للإشعاع.
ضحايا بالملايين
ولكن وفقاً لتقارير رسمية، وما وثقته منظمة الأمم المتحدة، فقد تعرض ما يقرب (8 ملايين و400 ألف) شخص في بيلاروس وروسيا وأوكرانيا للإشعاع، وهو عدد يزيد عن اجمالي سكان النمسا.
كما تعرضت مساحة (155 ألف كيلومتر مربع) من الأراضي في التابعة للبلدان الثلاثة للتلوث، وهي مساحة تمثل نصف اجمالي مساحة إيطاليا.
وتعرضت كذلك مناطق زراعية تغطي ما يقرب من (52 ألف كيلومتر مربع) للتلوث، وهي مساحة أكبر من مساحة دولة الدنمارك.
كابوس للبشرية
رغم مرور كل هذه السنوات على حصول الكارثة، إلا أن حصول انفجار مفاعل نووية من حول العالم أمر محتمل للغاية، وخصوصاً في ظل الصراعات والحروب المستمرة بين الدول، كما هو الآن بين روسيا وأوكرانيا، ومخاوف من تجدّد مثل هذه الكوارث التي تستمر آثارها لسنوات طويلة وتأتي على الأخضر واليابس كما يقال، ناهيك عن التهديدات المستمرة بين دول أخرى في استعمال خزينها وأسلحتها النووية.
المحرر: سراج علي