السبت 27 صفَر 1447هـ 23 أغسطس 2025
موقع كلمة الإخباري
زيادة الرواتب في سوريا.. خطوة ناقصة تدفع بالليرة نحو الهاوية
بغداد - كلمة الإخباري
2025 / 08 / 23
0

يواجه سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي حالة من الاضطراب الشديد، حيث لامست العملة المحلية حاجز الـ 11 ألفاً في السوق السوداء.

وهذا التراجع الحاد ليس جديداً، بل هو نتيجة لعوامل متراكمة، أبرزها الآثار المدمرة لسنوات الحرب الطويلة والعقوبات الاقتصادية الصارمة التي شلت حركة الإنتاج الحقيقي. 

لكن هناك أسباباً حديثة أيضاً ساهمت في تفاقم الأزمة، أبرزها قرار الحكومة برفع الرواتب بنسبة 200%، هذا القرار، رغم أهميته الاجتماعية للتخفيف من وطأة الفقر، ضخ كتلة نقدية كبيرة في السوق دون أن يقابلها أي نمو في الإنتاج المحلي، مما أدى إلى زيادة التضخم وارتفاع الطلب على العملات الأجنبية.

ويشير الخبير الاقتصادي حبيب غانم إلى أن هذا الارتفاع الجديد في سعر الصرف لم يكن مفاجئاً، فهو مرتبط مباشرة بضخ سيولة نقدية كبيرة في السوق دون غطاء إنتاجي حقيقي. 

وهذه السيولة زادت من الطلب على الدولار لتمويل الاستيراد، في ظل فجوة هائلة بين الصادرات التي لا تتجاوز 150 شاحنة، والواردات التي تصل إلى 1800 شاحنة من تركيا وحدها. هذا الخلل يستنزف الاحتياطي الضئيل من القطع الأجنبي. 

ويؤكد الخبير أن زيادة الرواتب، رغم كونها خطوة لا بد منها اجتماعياً، لم تكن مسبوقة برؤية اقتصادية شاملة لدوران عجلة الإنتاج، مما أدى إلى حالة إضافية من التضخم، حيث ارتفع الإنفاق الاستهلاكي بينما غاب المنتج المحلي. 

وهذا الأمر يثير الشكوك حول قدرة الليرة على التماسك وقدرة الزيادة الأخيرة على حماية الأسر السورية، حيث من المتوقع أن يأتي ارتفاع الأسعار على الزيادة الأخيرة ويؤدي إلى انتكاسة أكبر في القوة الشرائية.

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي حسن ديب أن بوادر هذا التراجع قد تجلت بالفعل في الارتفاع اليومي لأسعار المواد الغذائية والمحروقات. 

ويشدد على أن سعر الصرف قد يشهد ارتفاعاً كبيراً في الفترة القادمة ما لم تتخذ الحكومة سياسات اقتصادية دقيقة لخلق توازن بين الكتلة النقدية والإنتاج. ويضيف ديب أن استمرار حالة عدم اليقين بشأن رفع العقوبات الاقتصادية يفاقم الأزمة، مما يحول دون تدفق الاستثمارات اللازمة لدعم الليرة في مواجهة التضخم.

وفي محاولة لمواجهة هذا الانهيار، كشفت وكالة "رويترز" أن سوريا تعتزم إصدار أوراق نقدية جديدة بحذف صفرين من العملة، وقد اتفقت مع شركة "غوزناك" الروسية الحكومية على طباعتها. 

ويهدف هذا الإجراء إلى استعادة الثقة بالليرة السورية التي فقدت جزءاً كبيراً من قيمتها الشرائية، ومع أن مصرف سوريا المركزي أبقى على سعر شبه ثابت للدولار عند 11 ألف ليرة، فإن التوقعات تشير إلى إمكانية وصول سعر الصرف إلى عتبة الـ 12 ألف ليرة إذا لم يتم اتخاذ سياسات اقتصادية جديدة تركز على الإنتاج الحقيقي وجلب الاستثمارات الخارجية.

المحرر: عمار الكاتب




التعليقات